تسعى الولايات المتحدة خصوصاً، والدول الغربية، إلى توسيع دائرة مواجهة روسيا، لتشمل ساحات عدة، أبرزها الساحة السورية (قانونياً وإعلامياً وسياسياً حتى الآن). هذا يخلق أمامنا فرصة مهمة للتشبيك مع القضية الأوكرانية في الساحات الدولية، وبالتالي الاستفادة من التوظيف السياسي لقضيتنا، في الحصول على مكاسب يمكن البناء عليها.
لكن هناك محاذير يجب أخذها بعين الاعتبار، أولها أن استخدام قضيتنا هو استخدام سياسي/مصلحي، وليس له ذات البعد الأمني/الوجودي الذي يهدد أوروبا، وهذا ليس إشكالاً إن استطعنا الاستفادة من ذلك.
أما ثانيها، فهو متعلق بنا، حيث أن هذا يمنحنا فرصة لم نكن نتوقع حصولها، وعليه فإن سوء استغلالنا لهذه الفرصة، سيكون له ارتدادات بالغة السوء علينا، لناحية وسم المعارضة السورية بأنها فاشلة رغم كل الظروف التي خدمتها. وعليه نحن مطالبون ببناء برنامج عمل جديد كلياً وبالغ الاستعجال، ومتسق مع التوجهات الدولية لعزل روسيا وحلفائها.
أما ثالثها، فهو الارتداد المصلحي في الموقف الغربي/الأمريكي. وهنا نعني أن هناك تغيرات هائلة تقع في الشرق الأوسط حالياً، لناحية إعادة خلق ترتيبات إقليمية جديدة، هي نتيجة للاتفاق النووي مع إيران (المتوقع خلال فترة قصيرة)، حيث ستكون إيران دولة مارقة مع تمويلات كبيرة، وذراع عسكري (الحرس الثوري) ليس على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، وبتمويل واسع (عائدات النفط الجديدة).
هذا المتغير ناجم عن الحرب على أوكرانيا، وقد يخلق لنا معضلة كبيرة في سورية، إن لم يكن هناك استدراك مبكر للتحضير لمواجهته.
عدا عن خطورة انكفاء الولايات المتحدة عن مقاطعة الدولة المارقة "إيران وفنزويلا" بهدف إعادتها إلى السوق النفطية الدولية، حيث يشكل لنا هذا تحذيراً من انكفاء الولايات المتحدة عن خطابها التصعيدي الأخير تجاه الأسد، في مرحلة ما، والعودة نحو بغية استقطابه بعيداً عن روسيا، في حال لم نستطع التشبيك مع الولايات المتحدة.
النقطة الأخيرة، أن روسيا باتت شبه معزولة دولياً، وتتعرض لانتكاسة عالمية في سمعتها كقوة كبرى، هذا يخدمنا في حال قررنا نقض ما ترتب على اتفاق أستانا سياسياً وعسكرياً، وسنجد كثيراً من الداعمين لنا في هذا النقض.
إذاً، نحن مطالبون بتكثيف برنامج عملنا على الأصعدة: الذاتية، والأمريكية، وفي مواجهة إيران وروسيا. للاستفادة مما تقدمه لنا الفرصة الدولية الناجمة عن اضطراب النظام الدولي ككل.
د. عبد القادر نعناع
مداخلة لموقع نون بوست