مواد ذات صلة في ميثاق جامعة الدول العربية:
- مادة 7: ما يقرره المجلس بالإجماع يكون ملزماً لجميع الدول المشتركة في الجامعة، وما يقرره المجلس بالأكثرية يكون ملزماً لمن يقبله. وفى الحالتين تنفذ قرارات المجلس في كل دولة وفقاً لنظمها الأساسية.
- مادة 18: لمجلس الجامعة أن يعتبر أية دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار اليها.
الوضع القانوني لعضوية سورية في جامعة الدول العربية:
وفق الشكل القانوني، فإنه من المفترض الحصول على موافقة كل الدول العربية لتعليق/تجميد عضوية سورية في الجامعة، كون هذا الشأن يخص قراراً صادراً عن الجامعة، وليس شأناً يتعلق بكل دولة على حدة، أي أن المادة 18 هي الأنسب هنا لمقاربة الوضع القانوني.
وحيث أن القرار لا يمكن تطبيقه بشكل فردي، كل دولة وفق ما ترتأي، فإن الإجماع هنا لازم حتماً. لكن قرار التجميد/التعليق لم يحصل على الإجماع أساساً، حيث رفضت لبنان واليمن القرار آنذاك وأسقطتا مشروعية القرار، لكن دخل حيز التنفيذ وفق التوازنات السياسية في الجامعة.
وميثاق الجامعة ليس مضبوطاً قانونياً بشكل واضح، بل هو نص يمكن تأويله وفق الاتجاه العام داخل الجامعة. ولدينا سوابق مهمة، وأهمها هو قرار جامعة الدول العربية بالموافقة على العمليات العسكرية الأمريكية/الدولية لتحرير الكويت ومهاجمة العراق 1990/1991، رغم اعتراض دول وامتناع أخرى.
وعلى فرض الحصول على شرط الإجماع، أو تجاوزه، فإنه قانونياً، ليس هناك إجراءات شرطية لإنهاء التعليق/التجميد، بقدر ما هو قرار يصدر عن الجامعة.
وحيث أن قرار التعليق/التجميد، صدر في الأساس على مستوى وزراء الخارجية العرب، فيمكن اتخاذ القرار على ذات المستوى، ولكن لأهمية القرار سياسياً، سيتم ترحيله إلى مستوى قمة الرؤساء، في حال تم تقرير مناقشته.
على مستوى موقف الدول، هناك عدة مجموعات، حول ذلك:
- دول تسعى لإعادة النظام إلى الجامعة، دون أية اشتراطات مسبقة، وفي أقرب وقت.
- دول تسعى لإعادة النظام/الدولة السورية، مع اشتراط إطلاق مسار سياسي داخلي.
- دول تسعى لإعادة تطبيع العلاقات مع النظام كمرحلة أولى، قبل مرحلة الجامعة.
- ودول ما تزال رافضة، وهنا على رأسها قطر.
وفي حال تم اتخاذ قرار سياسي، من الدول العربية الرئيسة، وهنا الحديث عن السعودية ومصر، عدا عن الدول التي في الأساس تدفع لإعادة النظام كلبنان والعراق والجزائر وفلسطين والسودان والأردن. في حال تم اتخاذ القرار السياسي، فإنه وفق سوابق وآليات عمل الجامعة، فلن يتطلب ذلك سوى قرار من قمة تونس هذا العام، وبالتالي عودة مندوب سورية للعمل في الجامعة، ويمكن للأسد المشاركة في القمة المقبلة، بالتالي.
وذلك بغض النظر عن أية اعتراضات قد تُسقِط شرط الإجماع، أي بغض النظر عن اعتراض قطر الحالي. أما إذا كان هناك استعجال في الموضوع، فيمكن أن يتم اتخاذ القرار في قمة بيروت الاقتصادية، ما يتيح للنظام حضور قمة تونس.
البعد السياسي للقضية:
الأهم من الشق القانوني، والذي لم تتم مراعاته في مواضع كثيرة، هو الشق السياسي، والمتمثل في إرادة الدول العربية الكبرى، بفرض مسارات تناسب تطلعاتها أو مصالحها.
وهنا، فإن الضغط باتجاه إعادة النظام، يهدف سياسياً إلى:
- تعويم النظام، وإيجاد شرعية جديدة له في العالم العربي، بما يترافق مع ذلك من إعلان ضمني لانتصار الأنظمة على الثورات.
- استخدام هذه القضية لـ "مواجهة تركيا"، عبر الجامعة، وليس بشكل انفرادي، وبالتالي إيجاد آليات مؤسساتية وقانونية لهذه المواجهة.
- وهنا عندنا سابقة إنهاء تعليق عضوية العراق عام 2003، رغم أنه كان تحت الاحتلال الأمريكي المباشر (دولة بدون سيادة)، ولكن الحجة آنذاك لمنع إيران من تكريس هيمنتها على المشهد العراقي، ونرى نتائج ذلك اليوم بعد 16 سنة.
- أي أن موضوع إعادة النظام (وليس الدولة السورية منقوصة السيادة)، هو تحت ذات المبرر ولكن في مواجهة تركيا، على أساس أن إيران تنحسب اليوم من سورية، وأنها ستكمل انسحابها في حال إنهاء مبرر وجودها (منع تفكيك سورية)، وهي الحجة الروسية التي سوقها بوتين لدى القادة العرب، وأن إنهاء التعليق سيساعد على إعادة توحيد سورية وطرد تركيا من شمالها.
أما حول تصريحات وزير الخارجية المصري، فيمكن وضعها في الأطر التالية:
- حفظ ماء الوجه، في حال عدم إقرار إنهاء تعليق/تجميد العضوية.
- محاولة للبحث عن دور عربي لإطلاق مسار سياسي في سورية، في ظل نظام الأسد، وفق المرجعيات الدولية، وبما يتناسب مع تطلعات الأنظمة العربية الأخرى.
- عدا عن محاولة إيجاد إطار أخلاقي للقضية السورية، في ظل السياسات العربية الحالية.
- هناك على ما يبدو تحفظ أمريكي، يهدف إلى تأجيل الموضوع قليلاً، إلى حين إحداث تسويات أشمل، لذا تأتي التصريحات لإيجاد مخارج لاحقة.
- لكن القرار، ضمناً، موجود لدى الغالبية العظمى من الأنظمة العربية، وتتحين إعلانه.
د. عبد القادر نعناع
مداخلة لصحيفة عنب بلدي