مشروع الشرق الأوسط الكبير وإخوته ، وكما يسميها د. طيب تيزيني " . . مشاريع قضم الهوية العربية . . تسعى إلى ابتلاع الطبيعة والبشر في سبيل تمثلهم وهضمهم ، ومن ثم تقيؤهم سلعا . . " .
هذا المشروع الذي يعني فيما يعنيه تسيّد إسرائيل على الشرق المزعوم ، وغسل العقل العربي من إرثه التاريخي – الحضاري ، ونهب ثروات لو وظفت لصالح أصحابها لجعلتهم دولا ما فوق العالم الأول .
مشروع ينهي مشروعية وجود أمة كاملة ، ويقضي على ما تبقى لها من بصيص أمل في الاتكاء على ذاتها وتاريخها لإدراك أبعاد واقعها وسيرورته التاريخية نحو إعادة إنهاضها ، بما تملك من ثروات بشرية واقتصادية وتاريخية وحضارية .
ومن خلال جدلية الداخل والخارج ، فما لخارج ما قدرة على صياغة داخل ما إلا من خلال أقنيته ، هذه الأقنية التي يسعى المشروع العولمي الأميركي – الصهيوني لتوظيفها لحسابه ، من خلال اللعب على العقل والحرف ، لعبا يبهر من ضاق ذرعا بتخلف يكرسه هو ذاته ، ليعلن الهزيمة أمام المشروع العولمي والانضواء تحت لوائه .
أي أن المشروع العولمي يمارس اللعب والسجال في الولوج إلى بواطن العربي مواطنا كان أم نظاما ، وتفتيته ليس في نطاق قطري كما بالأمس ، وإنما في نطاق عرقي وطائفي بل وعشائري ، ولنا في جزئنا العراقي أبلغ مثال .
أفما آن لنا أن نحافظ على كلنا العربي ؟ ، وأن ندرك مشروعية سجالنا نحن أيضا ، لا لنفتت الآخر ، بل لنحمي ذواتنا وهويتنا ووجودنا ، فإنه فرض عين على كل عربي أن يبدأ الآن – وقبل أن يضاف إلى فواتنا التاريخي ، فواتنا الوجودي – في سجاله لأجل هذا الوطن ، وليكن سجالا على الأصعدة كافة ، ومن خلال جدلية " الواقع والممكنات " ، ورغم أن واقعنا قد دق في القاع ومنذ زمن ،إلا أنه ما زال يحمل شيئا من القدرة على استيعاب آليات ممكنات جديدة .
سجال مع الذات ومع الآخر ، سجال على مستوى الكلمة والمصطلح ، سجال في كل زاوية من زوايا الواقع .
ومن هذا السجال ، أن نؤكد للمشروع العولمي الأميركي – الصهيوني استمرارية وجودنا ونضالنا ، برفضنا لتسمياته ومشاريعه ، فنحن لسنا بشرق أوسط كبير أو موسع ، فما تزال لدينا إمكانية أن نؤكد ذواتنا بأننا " الوطن العربي الكبير " ، الذي لا يقبل القسمة على أية صيغة غير ذاته .
عبد القادر نعناع
منشور في موقع عربستان