تحذير من عمليات التطبيع المتنوعة دون حلول شاملة
لا يمكن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط عبر نهج تبريد الأزمات المتبع منذ سنوات عدة، واندلاع مرحلة جديدة من المواجهة بين الفلسطينيين وإسرائيل يؤكد خطورة هذا النهج. وحيث أن كثيراً من أزمات المنطقة هي أزمات راكدة منذ بضع سنوات، فإن اندلاع أزمة في الإقليم، يعيد تفعيل كثير من الأزمات المتشابكة معها.
لا تقدم عمليات المصالحات والترتيبات الأمنية العابرة للإقليم أية حلول حقيقية لأزمات الشرق المستعصية، بل إن تجاهل تلك الأزمات، والاعتقاد بأن خلق تشابك اقتصادي-أمني-تكنولوجي قادر على خلق بيئة جديدة داعمة لسلام مستدام، هو اعتقاد واهم يزيد من تعقيد أزمات المنطقة.
كلما أصرت دول المنطقة على تجاهل مظالم شعوب هذه المنطقة، أدت إلى خلق فراغ استراتيجي تقوم دول أخرى بملئه عبر توظيف هذه المآسي والمظالم خدمة لمشاريعها. أي أن تجاهل أزمات المنطقة يجعلها أدوات في يد قوى إقليمية ودولية لتنافس بها خصومها في الشرق الأوسط.
سورية ولبنان والعراق وفلسطين واليمن وليبيا والسودان، هي بؤر اضطراب ستبقى قائمة لعقود قادمة إن لم يتم معالجة أزماتها. وستكون تهديداً لأية مشاريع تنموية عابرة للإقليم.
تجاهل هذه المظالم أيضاً، يوفر بيئة خصبة لظهور تيارات متطرفة ونزعات انفصالية، تعمل على تغذية المشاعر المناهضة للحكومات وللمشاريع الحكومية.
حتى نصل إلى مرحلة "الصفر"، وهي المرحلة التي يمكن بدء تأسيس مستقبل مستدام، علينا أولاً أن نوفر بيئة آمنة لسكان المنطقة، عبر دعم تغيير سياسي سلمي (فوراً)، وتمكين مواطني الإقليم على المشاركة السياسية، التي تعتبر أساساً لنزع سلاح الجماعات دون الدولة. كما أن توفير حد أساسي مقبول من العدالة السياسية والاجتماعية أمر ضروري وحيوي.
ورغم أنه من الصعوبة تحقيق ذلك، لكن على دول الإقليم التوقف عن استخدام الشعوب أدوات في تحقيق مصالحها المتنافسة، بهدف الوصول على مرحلة "الصفر".
ما يجري الآن، هو محاولات للعبور فوق الأزمات، لكنها أكبر بكثير من إمكانية العبور فوقها، وهذا يعني الغرق فيها لاحقاً.
د. عبد القادر نعناع
تم إعداده لصالح المكتب الاستشاري لشؤون الشرق الأوسط
Risks and Solutions